فصل: المرأة تسلم دون زوجها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.سقوط المهر:

ويسقط المهر كله عن الزوج، فلا يجب عليه شيء للزوجة في كل فرقة كانت قبل الدخول من قبل المرأة، كأن ارتدت عن الإسلام.
أو فسخت العقد لاعساره، أو عيبه، أو فسخه هو بسبب عيبها، أو بسبب خيار البلوغ.
ولا يجب لها متعة، لأنها أتلفت المعوض قبل تسليمه، فسقط البلد كله كالبائع يتلف المبيع قبل تسليمه.
ويسقط المهر كذلك، إذا أبرأته قبل الدخول بها أو وهبته له، فإنه في هذه الحال يسقط بإسقاطها له.
وهو حق خالص لها.
الزيادة على الصداق بعد العقد: قال أبو حنيفة: إن الزيادة على الصداق بعد العقد ثابتة إن دخل بالزوجة، أو مات عنها، فأما إن طلقها قبل الدخول، فإنها لا تثبت، وكان لها نصف المسمى فقط.
وقال مالك: الزيادة ثابتة إن دخل بها، فإن طلقها قبل الدخول فلها نصفها مع نصف المسمى.
وإن مات قبل الدخول وقبل القبض بطلت، وكان لها المسمى بالعقد.
وقال الشافعي: هي هبة مستأنفة.
إن قبضها جازت وإن لم يقبضها بطلت.
وقال أحمد: حكمها حكم الاصل.

.مهر السر ومهر العلانية:

إذا اتفق العاقدان في السر على مهر، ثم تعاقدا في العلانية بأكثر منه.
ثم اختلفا إلى القضاء فبم يحكم القاضي.
؟ قال أبو يوسف: يحكم بما اتفقا عليه سرا، لأنه يمثل الارادة الحقيقية وهو مقصد العاقدين.
وقيل: يحكم بمهر العلانية، لأنه هو المذكور في العقد، وما كان سرا فعلمه إلى الله، والحكم يتبع الظاهر.
وهو مذهب أبي حنيفة، ومحمد، وظاهر قول أحمد في رواية الاثرم، وقول الشعبي وابن أبي ليلى، وأبي عبيد.

.قبض المهر:

إذا كانت الزوجة صغيرة، فللاب قبض صداقها، لأنه يلي مالها، فكان له قبضه كثمن مبيعها.
وإن لم يكن لها أب ولا جد، فلوليها المالي قبض صداقها، ويودعه في المحاكم الحسبية، ولا يتصرف فيه إلا بإذن من المحكمة المختصة.
أما صداق الثيب الكبيرة فلا يقبضه إلا بإذنها، إذا كانت رشيدة، لأنها المتصرفة في مالها.
والاب إذا قبض المهر بحضرتها، اعتبر ذلك إجازة منها بالقبض إذا سكتت، وتبرأ ذمة الزوج، لأن إذنها في قبض صداقها كثمن مبيعها.
وفي البكر البالغة العاقلة: أن الاب لا يقبض صداقها إلا بإذنها إذا كانت رشيدة، كالثيب.
وقيل: له قبضه بغير إذنها، لأنها العادة، ولأنها تشبه الصغيرة.

.الجهاز:

الجهاز هو الاثاث الذي تعده الزوجة هي وأهلها ليكون معها في البيت، إذا دخل بها الزوج.
وقد جرى العرف، على أن تقدم الزوجة، وأهلها، بإعداد الجهاز وتأثيث البيت.
وهو أسلوب من أساليب إدخال السرور على الزوجة بمناسبة زفافها.
وقد روى النسائي عن علي رضي الله عنه قال: «جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقربة، ووسادة حشوها إذخر».
وهذا مجرد عرف جرى عليه الناس، وأما المسؤول عن إعداد البيت إعدادا شرعيا، وتجهيز كل ما يحتاج له من الاثاث، والفرش، والادوات، فهو الزوج، والزوجة لا تسأل عن شيء من ذلك، مهما كان مهرها، حتى ولو كانت زيادة المهر من أجل الاثاث، لأن المهر إنما تستحقه الزوجة في مقابل الاستمتاع بها، لا من أجل إعداد الجهاز لبيت الزوجية، فالمهر حق خالص لها، ليس لابيها، ولا لزوجها، ولا لاحد حق فيه.
وقد رأى المالكية: أن المهر ليس حقا خالصا للزوجة، ولهذا لا يجوز لها أن تنفق منه على نفسها، ولا تقضي منه دينا عليها، وإن كان للمحتاجة أن تنفق منه، وتلتمس بالشئ القليل بالمعروف، وأن تقضي منه الدين القليل كالدينار إذا كان المهر كثيرا.
وإنما ليس لها شيء من ذلك الذي ذكرناه، لأن عليها أن تتجهز لزوجها بالمعروف، أي بما جرت به العادة في جهاز مثلها لمثله بما قبضته من المهر قبل الدخول، إن كان حالا، أو بما تقبضه منه إذا كان مؤجلا، وحل الاجل قبل الدخول بها، فإن تأخر قبض شيء من المهر حتى دخل زوجها بها، لم يكن عليها أن تتجهز بشئ مما تقبضه من بعد إلا إذا كان ذلك مشروطا، أو جرى به العرف.
وقد استوحى واضعو مشروع قانون الاحوال الشخصية، مذهب الإمام مالك في هذه الناحية، فقد جاء في المادة رقم 66 منه: أن الزوجة تلتزم بتجهيز نفسها بما يتناسب وما تعجل من مهر قبل الدخول، ما لم يتفق على غير ذلك، فإذا لم يعجل شيء من المهر فلا تلتزم بالجهاز، إلا بمقتضى الاتفاق أو العرف.
والجهاز إذا اشترته الزوجة بمالها، أو اشتراه لها أبوها فهو ملك خالص لها، ولاحق للزوج ولا لغيره فيه، ولها أن تمكن زوجها وضيوفه من الانتفاع به، كما أن لها أن تمتنع عن التمكين من الانتفاع، وإذا امتنعت لا تجبر عليه.
وقال مالك: يجوز للزوج أن ينتفع بجهاز زوجته الانتفاع الذي جرى به العرف.

.النفقة:

المقصود بالنفقة هنا: توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، وخدمة، ودواء، وإن كانت غنية.
وهي واجبة بالكتاب، والسنة، والاجماع.
أما وجوبها بالكتاب:
1- فلقول الله تعالى: {وعلى الولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها}.
والمراد بالمولود له: الاب.
والرزق في هذا الحكم: الطعام الكافي: والكسوة.
اللباس والمعروف: المتعارف في عرف الشرع من غير تفريط ولا إفراط.
2- وقوله سبحانه: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}.
3- وقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}.
وأما وجوبها بالسنة:
1- فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسونهن بالمعروف».
2- وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن هندا بنت عتبة قالت، يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني وولدي إلا أن أخذت منه - وهو لا يعلم - قال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف».
3- وعن معاوية القشيري رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت».
وأما الاجماع: فقد قال ابن قدامة: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين، إلا الناشز منهن.
ذكر ابن المنذر وغيره.
قال: وفيه ضرب من العبرة، وهو أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من النصرف والاكتساب.
فلابد من أن يتفق عليها.

.سبب وجوب النفقة:

وإنما أوجب الشارع النفقة على الزوج لزوجته، لأن الزوجة بمقتضى عقد الزواج الصحيح تصبح مقصورة على زوجها، ومحبوسة لحقه، لاستدامة الاستمتاع بها، ويجب عليها طاعته، والقرار في بيته، وتدبير منزله، وحضانة الاطفال وتربية الأولاد، وعليه نظير ذلك أن يقوم بكفايتها والانفاق عليها، مادامت الزوجية بينهما قائمة، ولم يوجد نشوز، أو سبب يمنع من النفقة عملا بالاصل العام: كل من احتبس لحق غيره ومنفعته، فنفقته على من احتبس لاجله.

.شروط استحقاق النفقة:

ويشترط لاستحقاق النفقة الشروط الاتية:
1- أن يكون عقد الزواج صحيحا.
2- أن تسلم نفسها إلى زوجها.
3- أن تمكنه من الاستمتاع بها.
4- ألا تمتنع من الانتقال حيث يريد الزوج.
5- أن يكونا من أهل الاستمتاع.
فإذا لم يتوفر شرط من هذه الشروط، فإن النفقة لا تجب: ذلك أن العقد إذا لم يكن صحيحا، بل كان فاسدا، فإنه يجب على الزوجين المفارقة، دفعا للفساد.
وكذلك إذا لم تسلم نفسها إلى زوجها، أو لم تمكنه من الاستمتاع بها، أو امتنعت من الانتقال إلى الجهة التي يريدها، ففي هذه الحالات لا تجب النفقة حيث لم يتحقق الاحتباس الذي هو سببها، كما لا يجب ثمن المبيع إذا امتنع البائع من تسليم المبيع، أو سلم في موضع دون موضع.
ولان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق عليها إلا من حين دخلت عليه، ولم يلتزم نفقتها لما مضى.
وإذا أسلمت المرأة نفسها إلى الزوج، وهي صغيرة لا يجامع مثلها، فعند المالكية والصحيح من مذهب الشافعية أن النفقة لا تجب، لأنه لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع فلا تستحق العوض من النفقة.
قالوا: وإن كانت كبيرة والزوج صغير فالصحيح أنها تجب، لأن التمكين وجد من جهتها، وإنما تعذر الاستيفاء من جهته، فوجبت النفقة كما لو سلمت إلى الزوج، وهو كبير فهرب منها.
والمفتى به عند الأحناف: أن الزوج إذا استبقى الصغيرة في بيته، وأسكنها للاستئناس بها، وجبت لها النفقة لرضاه هو بهذا الاحتباس الناقص. وإن لم يمسكها في بيته فلا نفقة لها.
وإذا سلمت الزوجة نفسها وهي مريضة مرضا يمنعها من مباشرة الزوج لها وجبت لها النفقة.
وليس من حسن المعاشرة الزوجية، ولا من المعروف الذي أمر الله به أن يكون المرض مفوتا ما وجب لها من النفقة.
ومثل المريضة الرتقاء، والنحيفة، والمعيبة بعيب يمنع من مباشرة الزوج لها.
وكذلك إذا كان الزوج عنينا، أو مجبوبا، أو خصيا، أو مريضا مرضا يمنعه من مباشرة النساء، أو حبس في دين أو جريمة ارتكبها، لأنه وجد التمكين من الاستمتاع من جهتها، وما تعذر فهو من جهته، وهو سبب لا تنسب فيه إلى التفريط، وإنما هو الذي فوت حقه على نفسه.
ولا تجب النفقة إذا انتقلت الزوجة من منزل الزوجية إلى منزل آخر بغير إذن الزوج بغير وجه شرعي، أو سافرت بغير إذنه، أو أحرمت بالحج بغير إذنه.
فإن سافرت بإذنه، أو أحرمت بإذنه، أو خرج معها لم تسقط النفقة، لأنها لم تخرج عن طاعته وقبضته.
وكذلك لا تجب لها النفقة إذا منعته من الدخول عليها في بيتها المقيم معها فيه، ولم تكن طلبت منه الانتقال إلى غيره فامتنع.
فإن كانت طلبت منه الانتقال فأيى، فمنعته من الدخول، فلا تسقط النفقة.
وكذلك لا تجب النفقة إذا حبست الزوجة في جريمة، أو في دين، أو كان حبسها ظلما، إلا إذا كان هو الذي حبسها في دين له عليها، لأنه هو الذي فوت حقه.
وكذلك لو غصبها غاصب، وحال بينها وبين زوجها، فإنها لا تستحق النفقة مدة غصبها.
وكذلك الزوجة المحترفة التي تخرج لحرفتها.
إذا منعها زوجها فلم تمتنع، لا تستحق النفقة.
وكذلك إن منعت نفسها بصوم تطوعا أو باعتكاف تطوعا.
ففي كل هذه الصور لا تستحق الزوجة النفقة، لأنها فوتت حتى الزوج في الاستمتاع بها بغير وجه شرعي.
فلو كان تفويتها حقه لوجه شرعي، لم تسقط النفقة.
كما إذا أخرجت من طاعته، لأن المسكن غير شرعي أو لأن الزوج غير أمين على نفسها.
أو مالها.

.المرأة تسلم دون زوجها:

وإذا كان الزوجان كافرين، وأسلمت المرأة بعد الدخول ولم يسلم الزوج، لم تسقط النفقة، لأنه تعذر الاستمتاع بها من جهته، وهو قادر على إزالته بأن يسلم، فلم تسقط نفقتها، كالمسلم إذا غاب عن زوجته.
ارتداد الزوج لا يمنع النفقة: وإذا ارتد الزوج، بعد الدخول، لم تسقط نفقتها، لأن امتناع الوطء بسبب من جهته، وهو قادر على إزالته بالعودة إلى الإسلام بخلاف ما إذا ارتدت الزوجة، فان نفقتها تسقط، لأنها منعت الاستمتاع بمعصية من قبلها، فتكون كالناشز.
مذهب الظاهرية في سبب استحقاق النفقة: وللظاهرية رأي آخر في سبب وجوب النفقة.
وهو الزوجية نفسها. فحيث وجدت الزوجية وجبت النفقة.
وبنوا على مذهبهم هذا وجوب النفقة للصغيرة والناشز، دون النظر إلى الشروط التي قال بها غيرهم من الفقهاء.
قال ابن حزم: وينفق الرجل على امرأته من حين يعقد نكاحها دعى إلى البناء، أم لم يدع. ولو أنها في المهد.
ناشزا كانت أو غير ناشز: غنية كانت أو فقيرة ذات أب أو يتيمة بكرا كانت أو ثيبا حرة كانت أو أمة على قدر حاله.
قال: وقال أبو سليمان، وأصحابه، وسفيان الثوري: النفقة واجبة للصغيرة من حين العقد عليها.
وأفتى الحكم بن عتيبة - في امرأة خرجت من بيت زوجها غاضبة - هل لها نفقة؟ قال: نعم.
قال: ولا يحفظ منع الناشز من النفقة عن أحد من الصحابة، إنما هو شيء روي عن النخعي والشعبي، وحماد بن أبي سليمان، والحسن، والزهري.
وما نعلم لهم حجة، إلا أنهم قالوا: النفقة بإزاء الجماع.
فإذا منعت الجماع منعت النفقة.
انتهى بتصرف قليل.